إلى ‬متـى… ‬وإلـى ‬أي ‬أيـن؟
صاحب المقال: ســــــــــارج حـلـيـمـــــــــي
تاريخ النشر : سبتمبر 2022

إفتتاحيات أخرى

To access this post, you must purchase إشتراك جانفي/كانون الثاني 2023.

ستة أشهر بعد غزوها لأوكرانيا، تخطط روسيا لضم جزء من الأراضي التي تحتلها. من جانبها، تقوم البلدان الغربية بإمداد البلد، الذي تعرض للعدوان، بأسلحة أكثر فأكثر تطورًا، وتتولى، بالتزامن مع ذلك، إرسال فرق متتالية من «المستشارين العسكريين» إلى كييف. لم تعد موسكو تريد إخضاع أوكرانيا، فحسب، بل أضحت تريد تفتيتها. أما واشنطن، فإنها لم تعد تريد احتواء روسيا، بل إنها تسعى لهزيمتها. ويبدو أنه ليس هناك ما يمكنه أن يعرقل اشتغال واستمرار هذه الدوامة، التي يعتقد كل طرف من أطرافها، بفعل الهيمنة المتزايدة لأنصار الحرب في المعسكرين، أنه يملك فيها كل حظوظ الفوز لكونه يراهن على أن الخصم، حتى وإن كان في وضعية حصار كامل ويأس، لن يتجرأ مطلقا على ارتكاب المحظور من أجل الخلاص والنجاة. لكن القراءات الخاطئة للمسارات المستقبلية المحتملة لمجريات الأحداث، يمكن أن تؤدي إلى الخسران والهلاك.

لقد وعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأنهما سيساعدانه، عسكريا، لاستعادة الأراضي التي غزاها العدو. كما فوضوا له تحديد المهام وطبيعة التسويق الإعلامي للعمليات الرامية إلى تعبئة الرأي العام. إذا ضمت روسيا خلال فصل الخريف الحالي، وهذا احتمال يثير المخاوف، كامل منطقة  دونباس أو جزءا منها، أو منطقتي خيرسون وزابوريجيا، إلى الجنوب قليلاً، فهل سيساعد الغرب كييف على استرجاعها، وهو ما يعني المخاطرة بالانخراط، بشكل أكثر مباشرة وأكثر خطورة، في مواجهة مع موسكو، التي يمكن أن تلجأ إلى تطبيق إجراء الحماية النووية على تلك الأراضي، تماما مثلما تفعل ذلك بالنسبة لأراضيها ؟(1).

كما يتعين التعاطي مع مسألة العقوبات بنفس القدر من الواقعية، لأن الأمر هنا أيضا، لا يتعلق بمجرد اتخاذ موقف صوري. فالدول التي أرادت «معاقبة روسيا»، والتي ألحقت، فعلا، ضررا بموسكو (لم يعد بإمكانها اقتناء قطع غيار أو الحصول على تكنولوجيات حساسة)، هي أبعد ما تكون عن الاقتراب من تحقيق الأهداف التي كانت تنشدها قبل ستة أشهر. فيوم غرة مارس الماضي، تحدث وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، بنبرة انتشاء واكتفاء، قائلا: «سوف نتسبب في انهيار الاقتصاد الروسي. اليوم، الاتحاد الأوروبي بصدد اكتشاف مدى قوته». على عكس تلك النغمة، اعتبر صندوق النقد الدولي، وهو قطعا ليس وكرًا معاديًا للغرب، أن «انكماش الاقتصاد الروسي في الربع الثاني من العام الحالي كان أقل من المتوقع»، في حين « كانت انعكاسات الحرب على الدول الأوروبية الرئيسية أكثر سلبية مما كان متوقعا»(2).

على الرغم من انخفاض حجمها، فإن صادرات روسيا من المواد الطاقية أضحت تدر على موسكو أرباحا أكبر، بفعل الارتفاع المسجل في أسعار الطاقة. وتأسيسا على ذلك، فإن تمويل «آلة الحرب الروسية»، لم تترتب عنه أية صعوبات، على عكس الضرر الذي لحق بالمقدرة الشرائية للأوروبيين، التي تأثرت بالقرار المتهور لقادتهم. وهكذا، فإن السياسة المشتركة في مجال الطاقة، التي كان من المفترض أن تمثل هذه العقوبات تتويجا لها، قد أفضت إلى كارثة لا يمكن تخفيفها، ولا سيما بالنسبة للفئات الشعبية التي لا يتيح لها دخلها، بعد، سوى حيازة الحد الأدنى من مستلزمات العيش.

لقد تحجج الجميع، وعن حق، بأن القرارات التي صنعت الحرب وفاقمت البؤس، قد تكون اتخذت في موسكو من قبل رجل واحد، أو يكاد يكون الأمر كذلك. مع ذلك، يجدر بنا التساؤل: هل أن الوضع جد مختلف في البلدان الأخرى؟ وإلى متى سيتواصل ذلك؟

 

 

1) جون ج. ميرشايمر، «سوء تقدير للمخاطر الناجمة عن تصعيد كارثي»، (The Underappreciated Risks of Catastrophic Escalation)، نشرية «شؤون خارجية» (Foreign Affairs)، أ 17 أوت/آب 2022.

2) «آفاق الاقتصاد العالمي»، صندوق النقد الدولي، جويلية/تموز 2022.

 

إشتراك سنوي + 24 أخر عدد

إشتراك سنوي

إشتراك سنوي

العدد الحالي

العدد الحالي

إقتناء العدد الحالي فقط

Share This